دور المدرس في التوافق الدراسي للطلاب
يعد التوافق من المفاهيم التى اهتم بها علماء النفس اهتماما كبيراً لأنه يلعب دورا جوهريا في حياة الانسان، وهو عملية دينامية تهدف إلى إحراز توازن بين الشخص وبيئته استنادا لتغيرات حاجات الشخص والبيئة من حوله. ويبدو التوافق في مجموعة من الساحات عن طريق مقدرة الشخص على أن يتسق توافقا سليما مع بيئته الاجتماعية أو المهنية و نذكر على طريق المثال: التوافق العقلي والديني والاقتصادي والترويحي والمهني و التوافق المدرسي وغيرها…
بيد أن التوافق الدراسي يُعد من أفضَل أشكال التوافق التي يتطلبها إنسان العصر القائم، وهذا لأنه يجلس أكثر من سبعة عشر سنة على مقاعد التعليم بالمدرسة. فالطالب المتوافق دراسيا هو الذي ينجح في التكيف مع بيئته المدرسية و الذي يشعر باستمرار بالاتزان والراحة والطمأنينة النفسية في التعليم بالمدرسة الأمر الذي يجعله يتعامل على نحو جيد وإيجابي مع زملائه ومعلميه ويساهم بفاعلية في الحياة المدرسية. ويؤثر التوافق الدراسي الجيد على نحو موجب على الحياة الأكاديمية والاجتماعية للتلاميذ. ففي المنحى الأكاديمي، يدفع التوافق الدراسي الطلبة إلى التحصيل الدراسي الجيد من جهة ويحببهم فى المدرسة ويساعدهم على معيشة صلات متناسقة مع زملائهم ومعلميهم من جهة أخرى الأمر الذي يجعل عملية التدريس والتعليم تجربة ممتعة وجذابة.
بما أن مجتمع المدرسة مرتع لكثير من التفاعلات الاجتماعية بين التلاميذ والمعلمين والإدارة والعاملين في المدرسة، فإن التوافق الدراسي يسهم إلى حاجز عظيم في توافق الطلبة في المجتمع أيضاً.
فما هي محددات التوافق الدراسي الجيد؟
لأجل أن نحدد التوافق الدراسي الجيد لابد لنا من علم جوانبه المتغايرة والتي تتمثل في:
1 -المنحى الفردي:
يحتوي الاتزان الانفعالي والإنصياع والقدرة على التحول للوصول إلى المستوى الضروري من التوافق.
2-بيئة المدرسة و الكلية:
تحتوي مقدرة الطالب على اقامة صلات طيبة مع زملائه ومدرسيه وحبه للمواد الدراسية والمقررات والتخصص الذي يدرسه.
3-البيئة الاجتماعية:
تمكُّن الطالب على ربط صلات أسرية حميمة ودافئة قائمة على الحب والمودة والمحافظة عليها، كما تحتوي التمكن من معيشة صلات طيبة مع جيرانه وأقاربه
فالتوافق الدراسي الجيد إذن يقصد أن الطالب يمكنه أن يستجيب استجابات ناجحة للتغيرات التي تتم في البيئة المدرسية، منها مقدرته على الاتصال مع الآخرين وهذا بتفاعله الصحيح مع معلميه وزملائه وإدارة المدرسة الأمر الذي ينعكس عليه نفسياً فيشعر بالراحة والسرور.
ما دور المدرس في تقصي التوافق الدراسي للطالب؟
يؤثر المدرس على التلاميذ ونموهم الاجتماعي والمعرفي بشكل ملحوظ، كما أنه أكثر قربا فرد إلى التلاميذ في المدرسة، وهو أدرى الناس بهم إلى منحى الأبوين، وهكذا هو الأقدر على علم حاجياتهم ومشاكلهم وبذلك الأقدر على حلها. من تلك الحاجيات نذكر النمو والتوافق. فالطلبة يفتقرون إلى الرعاية ومساعدتهم على التوافق الدراسي بالإضافة الى حاجتهم للتعليم والصحة، بيد أن تلك الرعاية تتحقق عندما يحمل التلاميذ اتجاها إيجابيا باتجاه المدرس، الشأن الذي يعاون ذلك الأخير على معيشة رابطة غير سلبية معهم. يسهم هذا في تقصي التوافق المدرسي من حب للمدرسة وللمواد الدراسية والتعلم على العموم فيحفزهم على المساهمة في النشاطات المدرسية بفعالية أكثر.
ولتحقيق الرعاية سالفة الذكر على نحو فعال وناجح يلزم توفر محددات وقواعد رئيسية في شخصية المدرس وهي: أن يكون المدرس ذاته متوافقا توافقا سليما الأمر الذي يساعده على تهيئة الأحوال الصحيحة والمناسبة للتعلم ولإقامة صلات اجتماعية سليمة مع طلابه تمكنه من توجيههم على نحو سليم، بمعنى أن يكون المدرس ميسرا لعملية التعلم. فإذا أردنا أن نحمله مسؤولية تكوين شخصيات سوية عند التلاميذ، فلابد من توافر حاجز أسفل من التوازن السيكولوجي و الأخلاقي يملك، لأن توافق المدرس وسلامة سلامته النفسية وسلوكه القويم سوف يكون له نفوذ هائل و مباشر على التلاميذ. وقد أثبتت دراسة نفسية تربوية أنه متى ما ازداد التفاعل بين الطالب والأستاذ ارتفع تكيف الطالب ورضاه عن الحياة الدراسية.
فكيف يكون التفاعل الصحيح؟
يكون التفاعل الصحيح بين التلاميذ والمعلم باتباعه الكيفية القويم في تعامله معهم على حسب كيفية تؤدي الى مزيد من حرية التخاطب الأمر الذي يضاعف فرص التفاعل والحوار ويؤدي هذا إلى إنماء التصرف المسؤول والاعتماد على النفس. وعلى المدرس بذل مزيد من المجهود في المنحى الاجتماعي إلى منحى الأكاديمي وهذا بالاهتمام بمشاكل التلاميذ والإسهام بفعالية في ظل إجابات لها. ولتحقيق هذا، يجب أن لديه المدرس ملامح شخصية غير سلبية تعينه على تقصي ذلك المقصد.
فالمعلم الذي يهتم بطلابه ولديه الاتجاهات الإيجابية باتجاه الحياة ونحو المجتمع ونحو مهنته ينقل تلك الاتجاهات إلى التلاميذ ويؤثر على سلوكهم وعلى سلامتهم النفسية. ونجاح المدرس يقاس في ذلك الوجهة بمدى امتلاكه للسمات الشخصية الضرورية والطريقة الناجح لتحقيق التوافق الدراسي عند طلبته. فالمعلم الناجح إذن هو الذي يهتم بإشباع حاجات طلابه النفسية والاجتماعية كالحاجة الى الأمن والانتماء والحب والتقييم التبجيل.
في بعض الأحيان، يكون المدرس سببا لكثير من المشكلات الأكاديمية والنفسية للطالب. فالمعلم الذي تسوء علاقته بطلابه ويحرمهم من العون المعنوي يعرضهم في الغالب إلى مخاطر عديدة منها كالتعثر الدراسي. كما ان للاتزان الانفعالي للمدرس دور في تقصي التوافق الدراسي أو عدمه للطالب. فالمعلم الذي يتسم بحدة المزاج والذي يثور لأتفه العوامل يعرقل نمو التلاميذ ويعين على عدم اتزان توافقهم الدراسي.
فالمعلم إذن يلعب دورا أساسيا في تشييد شخصية الطالب ويشارك بشكل ملحوظ في فوزه الدراسي وفي تقصي التوافق الدراسي والاجتماعي يملك.
في الختام:
نلخص بعض الإجراءات المقترحة التي على المدرس القيام بها للمشاركة بفعالية في تقصي التوافق الدراسي لطلابه:
أن يعمل على إلى تقصي التداول الصحيح بإقامة صلات اجتماعية سليمة مع طلابه يراعي فيها خصوصيات الفترة الدراسية للطالب.
أن يكون متوافقاً نفسباً.
أن يكون ذا سلوك متزن.
الانتباه بالجانب التعلمي للطلبة وإشباع حاجاتهم المعرفية.
المراعاة بمشاكل الطلبة والإعانة في حلها.
المراجع:
1-علي، صبره محمد وعبد الغني، أشرف: الصحة النفسية والتوافق النفسي،ط(ب)، مصر، دار المعرفة الجامعية.
2- شاهين، جوده السيد (2014): التنبؤ بالذكاء الشخصي من التوافق الدراسي واتخاذ القرار لدى عينة من طالبات كلية التربية، مجلة دراسات نفسية، المجلد العشرون، العدد الثاني، مصر، رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية (رانم).
3- زهران، حامد (2005): التوجيه والإرشاد النفسي، ط(4)، مصر، عالم الكتب.
6-منسي، محمود عبد الرحيم و محضر، عفاف ((2001): علم نفس النمو، ط(ب)، مصر، مركز الإسكندرية للكتاب.
5- رضا رزق ابراهيم (2000).
6- أبو حطب، فؤاد و صادق، آمال (2002): علم النفس التربوي، ط (6)، مصر، المكتبة الأنجلو المصرية.
7- الخالدي، أديب (2002): المرجع في الصحة النفسية، ط(2)، العراق، دار العربية للنشر والتوزيع.
8- الزغبي، أحمد محمد (2010): سيكولوجية المراهقة ( النظريات جوانب النمو المشكلات وسبل علاجها)، ط(1)، الأردن، دار زهران للنشر والتوزيع.
9- الداهري، صالح حسن (2005): مبادئ الصحة النفسية، ط(1)، الأردن، دار وائل للنشر.
Aucun commentaire